قصة نجاح



كثيرا ما تناهى لمسامعي عبارة اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب ورغم إعجابي بها و يقيني     بصدقها إلا إنني ظننت أنها لن تتحقق على أرض الواقع إلا لذو حظ عظيم أو لحكيم فطن يتمتع بسداد الرأي وسرعة البديهة فكيف لأي منا أن يدرك أن أمر ما في حياته هو تلك الفرصة النادرة الحدوث والتي لو فاتته فقد لا يدركها مرة أخرى .
وكان ذلك اليوم من الآحاد والتوقيت مساءا حيث تلقيت اتصالا غير متوقع فنحن في إجازة منتصف العام الدراسي وذلك الاتصال كان من مشرفتي لتبلغني عن ترشيحي لحضور دورة عن المهارات الأساسية لتدريس الرياضيات كنت أجهل أي معلومات عنها ولست أبالغ في وصف ما انتابني من مشاعر مختلطة تجاهها بين اندهاش وتخوف وفرح وحماس مغلفة جميعها بتساؤلات كثيرة ووجدت نفسي أجيب بالموافقة دون أدنى تفكير أو تردد بدافع من رغبتي الشديدة في خوض تجربة هي الأولى بالنسبة لي كونها دورة مختلفة من حيث أهدافها والجهات المنظمة لها ............
وتم التحاقي بالدورة رغم ضغوط العمل المتوقعة فحضورها ينتج عنه تأخر حتمي في المنهج ولكنه في الوقت ذاته سيعيدني لطالباتي بتصورات مختلفة لمهنتي التعليمية وبمهارات متعددة ستعود عليهن بإيجابيات كثيرة .... بكل هذه المناقشات أطمأنت نفسي وتجددت روح العزيمة وشعلة النشاط داخلي
في الدورة تعرفت على زميلاتي في المجموعة وكان اندماجنا سريعا وأجواء التناغم هي السائدة مما أشاع الألفة والتعاون والراحة وكأن بيننا معرفة سابقة ، تبادلنا الأفكار والكل منا يبدي الحماس ويطرح الأفكار الإبداعية ويشارك الآخرين آرائهم ويتقبل اقتراحاتهم البناءة بصدر رحب
لقد كان أمام ناظري هدف واضح المعالم وشعار أخذت أردده كل صباح حين أتوجه لمقر الدورة ألا وهو ( أنا هنا أتعلم لأعلم ).
أريد أتعلم لأرتقي بنفسي وبمن حولي من طالبات وزميلات ولقد صدقت مع نفسي ووفيت لها فكنت أكتسب في كل يوم شيئا جديدا وأجني ثمارا يانعة في هيئة معلومة أو مهارة أو صفة إنسانية جديدة أو سلوك ، وسرعان ما انقضت الأسابيع الثلاثة كانقضاء حلم ليلة صيف وعدت لمزاولة مهنتي وأنا أحمل بين حنايا روحي الكثير وأحمل في جعبتي كمعلمة ما هو أكثر وانعكست حمولتي هذه على كياني كله فزادتني نشاطا و خفة وإذا بي كفراشة تتنقل من زهرة لأخرى ولمست هذا كله في ملامح طالباتي وعيون زميلاتي .
ولقد بدأت من يومي الأول بتنفيذ ما عزمت عليه وكأنني في سباق مع الزمن لأعوض طالباتي فترة تغيبي عنهن ولأغرس ما حصلت عليه من بذور المعرفة في تربة عقولهن الخصبة الفتيه .
فقمت بتوزيع استمارات الذكاءات المتعددة ( تعليم جورجر) لتحديد ميول طالباتي وحرصت على توزيع طالبات الفصل الواحد كمجموعات مع مراعاة الفروق الفردية وميول كل منهن اعتمادا على تعاون زميلاتي المعلمات والمرشدة الطلابية .
ولكوني مسئولة عن غرفة مصادر التعلم فقد أعدت تنظيمها  وأضفت ركنا خاصا باستراتيجيات التعلم النشط إضافة لقيامي بتصوير الاستراتيجيات  وطباعتها على لوحات متفرقة لاستخدامها في الشرح لأبين للطالبات فكرة كل إستراتيجية وأولاها كانت المفاهيم الكرتونية ولقد أبدعت طالباتي وتنافسن في طرح أفكارهن وإبداعاتهن مما دفعني لتخصيص ركن في فناء المدرسة لعرض أعمالهن الكرتونية تشجيعا لهن وإبرازا لمواهبهن ودافعا للأخريات ليحذون حذوهن في المشاركة ودفع عجلة الإبداع للأمام ،
ولم تنج حصص النشاط من استغلالي لها لطرح مزيد من المهارات والأفكار أمام الطالبات فقمت بتوضيح أهمية التعلم النشط والتعاوني لهن ولقد بلغ استمتاعهن ذروته مع الوقفات التأملية التي قمن بها في بداية الحصص أو أثناء الطابور الصباحي وبعض مقاطع الفيديو والاستماع لتعليقاتهن من خلال الإذاعة الصباحية
كما بدأت في تصميم موقع على الشبكة العنكبوتية يختص بمادة الرياضيات بمعاونة الطالبات المبدعات في عالم الحاسوب وتحت إشرافي الخاص ويحرص هذا الموقع على إضفاء روح المرح والتسلية المختبئة عن أنظار الطالبة وبالتالي ينتهلون من عذب مياهها بشغف ومتعة ومازلت أعمل على تطويره يوما بعد يوم ليحقق ثماره المرجوة بمشيئة الله معتمدة على اقتراحات طالباتي وأفكارهن المتجددة .
و أصبح هناك تبادل لواجباتهن وتساؤلاتهن حول المادة وكذلك لشكرهن وتقديرهن من خلال منتدى المدرسة أو البريد الإلكتروني في حالة عدم توخي الوقت الكافي للقيام بتلك المهام خلال اليوم الدراسي لتعارضها مع جدولي ونصابي اليومي المثقل والمزدحم بالأعمال وذلك بتحديد ساعة معينة من اليوم لتحقيق ذلك .
ومؤخرا تم إنشاء مدونة الكترونية بسيطة لتكون نواة لمشروع أكبر ومرحلة أهم هدفها تشجيع الطالبات على زيارة مواقع مفيدة مثل شبكة الرياضيات التعليمية وموقع أفكار الرياضيات وهو من المواقع المميزة التي تساعد الطالب على تقيم نفسه ذاتيا في المادة ومنتديات يزيد وكذلك لعرض مطوياتهن وأعمالهن وتقديرها بالشكل الذي تستحقه وتستطيع الطالبة من خلال المدونة المشاركة بآرائهن بصدق وصراحة ، حيث تكفل لهن مساحة من الحرية في التعبير عن مكنونات العقول  والأذهان .
ولست أخفي شدة إعجابي واستمتاعي بفكرة التعلم عن طريق تبادل الأدوار والمشاهد التمثيلية مما دفعني لكتابة بعض القصص بالتعاون مع طالباتي وتمثيلها أمام الطالبات إما في الطابور الصباحي أو داخل غرفة الدرس أو خلال حصص النشاط إضافة لعمل مشاهد لترسيخ ما تمتلكه الطالبات من معلومات مع الاستعانة بكوادر الرياضيات من الطالبات .
وكما ذكرت سابقا مازال في جعبتي الكثير ولكن يمكنني أن أقول الآن بعد مضي تلك الأسابيع من الجهود المتواصلة أن طالباتي في جعبتهن الأكثر أصبح هدفنا واحد وطموحاتنا مشتركة وكأنني إنسان يحمل عقولا مجتمعة وبكفه أنامل ذهبية لا تعطي إلا الإبداع والتميز وأدركت في لحظتي هذه أن التحاقي بهذه الدورة كان فرصة أحسنت اغتنامها بتوفيق وتسديد ورعاية من الله عز وجل فله الحمد من قبل ومن بعد.

















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق